تصدع اليمن سببه الحوثيين منذ 2015 ..الى تطورات ” احداث غزة ” أطماع ايران في المنطقة
حول العوامل الخارجية، تمثل أهم تلك العوامل وفقًا للدراسة، في انعدام التنسيق بين القوى الكبرى المحلية والإقليمية والفاعلة والدول المطلة على البحر الأحمر، كان سببا آخر في زيادة أطماع إيران في المنطقة.
ومن تلك العوامل “تحرك الدول الكبرى دون تنسيق وتعاون مع الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، وترك الحبل للقوى لدولة إيران في العبث بمستقبل امن البحر الأحمر وخليج عدن تحقيقًا لنظريتها التوسعية في البلدان العربية”.
إلى جانب اتساع مساحة المياه التب يعمل فيها الحوثيون والتي يستحيل التعامل معها أن لم تكن هناك قوات محلية مدربة وفاعلة تسهم في الحد من تلك الاعتداءات التي يطلقها الحوثيون من مناطق سيطرتهم.
وكان تطور الاعتداءات بشكل خطير حتى كاد أن يوقف حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر ففي الأشهر ديسمبر 2023 بلغت الاعتداءات أكثر من 60 اعتداءً على السفن المارة في البحر الأحمر وخليج عدن.
المتغيرات والدوافع الخارجية
تُشكِّل المصالحة السعودية الإيرانية التي أُنجزت برعاية صينية، في مارس 2023م، متغيرا وثيق الصلة بالتهديدات الحوثية في البحر الأحمر، سواء في التوظيف الإيراني لهذه التهديدات، أو في حرص السعودية على كلِّ ما مِن شأنه صمود هذه المصالحة، ودعم عملية السلام في اليمن، وبين هذا وذاك يُناور الحوثيُّون، وفي الحدود المتاحة لهم، تحقيقًا لمصالحهم.
– محاولة السعودية إعادة تقديم نفسها كدولة مستقرة أمنيًّا واقتصاديًا في تمهيد لتقديم رؤيتها 2030 والتسويق لنفسها بصورة مغايرة تمامًا عما حدث أثناء حرب اليمن، وتأثر سمعتها الدولية سلبًا، وهو ما أكدته وكالة رويترز حينما أشارت إلى أن السعودية طلبت من الولايات المتحدة ضبط النفس في الرد على الهجمات الراهنة للحوثيين.
– إطلاق جهود على مستوى المنطقة تركز على المفاوضات، وهذا يشمل التواصل بين الرياض وطهران، والذي سيكون مفيدًا وضروريًا للتوصل إلى السلام في اليمن. كذلك، قد يكون هناك تأخير في المفاوضات الإسرائيلية – السعودية بشأن إقامة العلاقات رسميًّا، والجدير بالذكر أنه لم يصدر أي إعلان رسمي عن إلغاء التطبيع أو إيقافه رسميًّا. وهذا يمكن أن يوفر مساحة لعملية السلام في اليمن، لأنه يقلل من الصدع المحتمل في العلاقات السعودية مع إيران، الدولة الراعية الرئيسية للحوثيين. ومن ثم توفير فرصة للمملكة للاتفاق على حل مع الحوثيين.
– مشروع الممرِّ الاقتصادي المعلن عنه في قمة العشرين في نيودلهي في سبتمبر الماضي، والذي سيربط بين الهند وأوربَّا، مرورًا بالإمارات والسعودية وإسرائيل، وكذلك قناة بن غوريون المائية التي يخطَّط لِأن تُشقَّ لتربط بين خليج العقبة والبحر الأبيض المتوسط، والتي تمثِّل الحرب الإسرائيلية الأمريكية في غزَّة تمهيدًا لهما، وارتباط كلٍّ مِنهما بحسابات جيوسياسية لأطراف إقليمية ودولية، مِن بينها إيران التي تدعم الحوثيين وتُقايض معهم وبهم، وبحرب غزَّة، تحقيقًا لحصَّتها في هذه الحسابات.
وفي شأن الدعم الإيراني لتلك الجماعة، أكد وزير الداخلية اليمني السابق رشاد العليمي، أن الحركة الحوثية نشأت منذ عام 1982م إبان الحرب العراقية – الإيرانية، وأن خلاياها قد تشكلت بين عامَي 1983م و1984م بدعم إيرانيّ).
– حرب إسرائيل على غزَّة بوصفها أبرز متغيِّر إقليمي ودولي يحيط بنشاط الحوثيين العِدائي في البحر الأحمر وخليج عدن؛ إذ يربط الحوثيُّون تهديداتهم بحرب غزة، مدعين أن وقف الهجمات على السفن الإسرائيلية مرهون بوقف العدوان على غزَّة، لكنَّ هذا المطلب تراجع إلى السماح بدخول الغذاء إلى غزَّة، وفقًا للموقف الحوثي المعلن عنه في التَّاسع مِن ديسمبر الجاري، والذي اشترط لتوقُّف استهداف أيِّ سفينة ترتاد موانئ إسرائيل عبر البحر الأحمر أن يُسمح بدخول الغذاء إلى غزَّة.
المتغيرات المتعلقة بإيران ومليشياتها
إن المشروع الإيراني المتمثل في رؤيته بأنهم أصحاب حق في رسم الخريطة الأمنية بالمنطقة وتصدير الثورة هو ما حقق لها إنشاء ممر برى من طهران إلى بيروت عبر العراق وسوريا وقد مر المشروع الإيراني بعدد من المتغيرات تتمثل في الاتي:
– تعزز الوجود الإيراني في منطقة القرن الإفريقي بعد حرب يوليو 2006 في لبنان، احتساباً لردود الفعل الإقليمية والدولية على نتائج هذه الحرب، حيث استقر الأمر في طهران على خروج إيران من دائرتها المعتادة، والعمل على رسم خريطة جديدة لنفوذها البحري، والخروج من الدائرة المحدودة بمياه الخليج العربي والمياه الساحلية للمحيط الهندي.
– بدأت عناصر “القوات البحرية لفيلق الحرس الثوري الإسلامي” في خليج عدن في العمل منذ نوفمبر2008، عندما أَرسِلَت أول سفينة حربية لتسيير دوريات لمكافحة القرصنة رداً على استيلاء قراصنة صوماليين على سفينة شحن إيرانية.
– سعت إيران منذ نهاية 2009 الى الخروج من دائرتها المعتادة المرتبطة بمياه الخليج العربي وتعزيز وجودها في البحر الاحمر بحصولها على تسهيلات عسكرية مع انعقاد القمة الإيرانية الجيبوتية، وهي القمة التي انتهت بالتوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون المشترك، تضمنت الإعفاء من تأشيرات الدخول لمواطني البلدين، وبناء مراكز للتدريب فيما عُرِف لاحقاً بالحرس الثوري الإفريقي، بالإضافة إلى منح البنك الإيراني قروضاً للبنك المركزي الجيبوتي، وإنشاء لجنة مشتركة ومساهمة في عملية التنمية في جيبوتي.
– تعظيم دورها في العراق بسبب الغالبية الشيعية والذي اقرته امريكا اثناء حربها على الإرهاب واستخدام إيران ورقه القضية الفلسطينية، وتطوير المشروع النووي والذي نجحت في تأمينه باتفاق) 1+5(عام 2015 والذي تسعى لتدعيم استمراره مع باقي أطرافه بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانسحاب منه عام 2018م، والعمل على تصدير الثورة الى لبنان وسوريا والعراق واليمن وتكوين ميلشيات مسلحة يدعمها ويؤهلها الحرس الثوري الإيراني، بحيث صارت جميع دول المنطقة صارت في مرمى الصواريخ الإيرانية.
وتعزز الدور الإيراني في البحر الأحمر مع تزايد علاقاته مع الحوثيين في اليمن، فكان للمجهود الإيراني دور كبير في تحول الحوثيين إلى ميليشيا عسكرية مسلحة، مهددة للأمن القومي اليمني، وهو التداعي الأبرز الذي أسفر عن توجهات التحالف العربي ضد تصاعد الدور الإيراني في اليمن.
الدوافع الخارجية.. تنفيذ (الأجندة الإيرانية)
إن الحوثيين جزءٌ من تحالف إقليمي واسع مع إيران، يمكن النظر إلى الهجمات الأخيرة على أنها تلبية لرغبات إيران التي تقود ما يعرف بـ “محور المقاومة”، كما أنها خطوة طبيعية ومتوقعة؛ لأن إيران لا تريد أن تورط نفسها مباشرة في الدخول في عمليات حقيقية لدعم غزة، وبدلًا من ذلك فهي تحرك أذرعها في المنطقة لإسقاط الحجة بأنها تشارك في دعم غزة.
ووزعت إيران الأدوار بين مليشياتها للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة حتى لا تتعرض لهجمات مدمرة قد تقضي على برنامجها النووي، كما أنها بتحريكها المتزامن لمليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، تعمل على توظيف العدوان الصهيوني على قطاع غزة لتعزيز موقعها كفاعل إقليمي لتهديد دول الجوار، لكنها حريصة على أن يكون التصعيد ضد الاحتلال الإسرائيلي منضبطًا لتجنب خوض حرب شاملة ستنهكها كثيرًا وتفكك ما يسمى محور المقاومة.
وتعتبر إيرانُ تمكين جماعة الحوثيين ضمن أولوياتها، لأنها نجحت في اختراق الساحة اليمنية من خلال ولاء جماعة الحوثيين لها.
وقد تغيرت استراتيجية إيران في منطقة البحر الأحمر وفق المعطيات والظروف المناسبة لها، فعلى سبيل المثال كان لإيران في اليمن استراتيجية ذات بعُدين:
الدافع الأول: غيبيّ.. فالكتب الدينية الاثنا عشرية تؤكد أن اليمن هو من المقدمات المهمّة لعصر الظهور ظهور الإمام الغائب، (والذي قد بدأت معالمه) حسب اعتقادهم تظهر في إيران وفي العراق وفي جنوب لبنان وغيرها من مناطق العالم، وحسب زعمهم سوف يخرج من جبال صعدة شمال اليمن «اليماني» الذي سيقود ثورة إسلامية مؤسسة على أفكار الإمام الغائب، ودور «اليماني» يتمحور في أنه سوف يساعد مؤيدي الإمام في الحجاز، ثم يتجه بعد أن يستتبّ الأمر له في جزيرة العرب نحو العراق لمساعدة أنصار الإمام في مواجهة «السفياني.»
الدافع الثاني: جيو-استراتيجي.. وهو وثيق الصلة بالبعد الغيبي من جانب، وله صلة كذلك بصراع إيران الإقليمي والدولي، إذ من خلال هذا الوجود تمدّ إيران نفوذها وتأثيرها إلى واحدة من المناطق الحيوية التي تجعلها رقمًا مُهِمًّا يصعب تجاوزه، كما أن هذا الوجود يؤمّن لها طرق الاتصال مع أذرعها والقوى المتحالفة معها سواء في اليمن كالحوثيين، أو في شرق إفريقيا كالسودان قبل قطع العَلاقات، أو فصائل المقاومة الفلسطينية، فضلًا عن تأمين مصالحها الاقتصادية والإسهام في نشر آيديولوجيتها وأفكار ثورتها المذهبية)
الدافع التشريعي الدستوري: من أهم الأسس الدستورية المحدّدة لتوجّهات سياسة إيران الخارجية، المادة« 154» التي قبل
تؤكد على أن إيران «سوف تدعم النضال العادل للمستقبل
نقلا عن المنصف نت